انتظر في سكون

Old Door
Old Door

انتظر في سكون تحت عامود الكهرباء, كان قد حل الليل منذ مدة فخيم ظلام دامس حوله غير أن خياله ظل واضحا بفضل ضوء عامود الكهرباء الخافت، انتظر وطال انتظاره وهو الجالس متقرفصا في برد الخريف ليس يرتدي سوى جلبابه البالي ونعل قد برزت أصابعه كامله منه في فضول كفضول صاحبهم.

انتظر في سكون, شاخصا بانتباه، محملقا في ذلك الباب الحديدي المطلي بلون بني كأنه صدأ أو لعله كذلك، كان بابا قصيرا ثبت في حائط تباينت أجياله فقد كان أسفله مبنيا بحجارة من طين رصت عليها لبنات من إسمنت شاحب, كان منظرا مملا بل كان كئيبا فلم يكن للحائط نوافذ وليس يتسرب من تحت بابه ضوء أو أمل.

انتظر في سكون و صبر, يحدث نفسه عما وراء الباب, ابتسم ببلاهة وهو يتخيل ذلك الباب يفتح ببطء وثبات فينبعث ضوء ساطع ينير عليه الزقاق و حياته، ابتسم ببراءه وبيديه النحيلتين فرك ما برز من رجليه يريد بعض الدفئ

انتظر في سكون، وقد مرت ساعات وهو على تلك الحال ثم التفت ينظر عن يمينه فرأى كلبا قد جلس غير بعيد ينظر إليه باستغراب، التقط حصوة وقذها تجاه الكلب ينهره فلم يبد الكلب اهتمام فكرر ذلك مرتين أو ثلاث، لكن الكلب ظل لا مباليا ثم بعد هنينه انبطح وألقى برأسه على قدميه وبصره على الرجل المتقرفص تحت عامود الكهرباء.

انتظر في سكون ثم ببطئ شديد أرخى ظهره فسقط إلى الخلف وبصره شاخص ينظر إلى مصباح عامود الكهرباء فوقه، ظل ساكنا بلا حراك، نهض الكلب المنبطح وهو ينظر إلى الرجل الذي هوى فجأة على الأرض، التفت يمينا و شمالا كمن يبحث عن شهود، اقترب في استحياء، مشى بحذر حول الرجل يشمشمه، لا حراك لا حياة، لقد مات، حول نظر نحو الباب، وبنفس اللامبالاة غادر.